أبي العزيز: إن الأولاد نعمة لابد أن تشكرها وكم كان سرورك وسرور من حولك عندما بشرت بولادتي...!!

 كان الفرح شديداً كما أخبرتني بذلك وكان الجدير بشكر هذه النعمة أن تحسن تربيتها وسقيتها...!!

لقد نشأت بين يدي أمي لا أكاد أراك إلا قليلاً لا أكاد أبحث عنك فأجدك دائماً مشغول وبعيد؛؛

 صبرت على هذه الجفوة وقلت لعلك تعوضني ذلك بعد أن أميز وأدرك أصحبك إلى المسجد ففوجئت أنك لا تأمرني بالصلاة ولا تأخذني معك إلى المسجد إلا نادراً قاربت البلوغ وأنا على هذه الحال..!؟..

ووالدتي كانت همتها عالية وتطمح أن تراني في هذه السن قد حفظت القرآن وقد شرعت في دروس العلماء والمشايخ ..

لكن ماذا عليها أن تفعل وهي لا تملك حولاً ولا قوة كل ما عليها أن تزرع هذه القيم لكنها لا تملك أكثر من ذلك لغياب سلطة الأب وتضيعه للأمانة ..!!

أبي العزيز: إني أريد أن أراك قدوة لي وهل لي بذلك ووقتك مهدر ما بين الاستراحات والسفر للخارج والفراغ والإنترنت والقنوات وأخيراً البحث عن النساء هنا وهناك،,,

 وأخشى يا أبي أن يعاقبك الله بالانتقام في بناتك لتلاعبك ببنات المسلمين ..!!..

أبي العزيز: لقد ملأت بيتنا بوسائل اللهو والحرام ومكنتنا مما يزيد منها لكي لا نشغلك عما أنت فيه فلا وقت عندك تغدق علينا شيئاً من حنانك وأبوتك..!!..

 أصبحنا نعيش وكأننا أيتام بل الأيتام أحسن منا حالاً لأن الناس يعطفون عليهم ويسألون عنهم أما نحن فلا أب ولا سؤال !!

والدي: أنت قد دخلت العقد الخامس من عمرك وأنت في مرحلة الشيخوخة فإن للشيخ أن يتوب لرشده فالشباب بطيشه وسفهه انتهى .. وكما يقول الشاعر:

وإن سفاه الشيخ لا حلم بعده               وإن الفتى بعد السفاهة يحلم

والدي العزيز: أنت بلاشك تنتظر منا البر والعطاء بعد سنوات ولا أظنك ستلاقيه عندي ولا عند أحد من أخواتي فأنت قد عققتنا صغاراً وسنعقك كباراً ؟!..

اسمح لي يا أبي أن أقولها لك بكل صراحة حتى وإن كنت قد قمت على النفقة والعطاء المادي فليس هذا كل ما احتاجه فإن أعيتنا "النفقة" و"المطعم" و"الملبس" فقد سلبتنا "الحب" و"العطف" و"الرحمة" فزادت الفجوة بيننا،،

تمر الأيام لا نراك ومع ذلك لا نشتاق لوجودك ولا نحزن لفراقك..!!..

وجودك وعدمك أصبح الآن عندنا واحد بل أحياناً كثيرة نحزن لمقدمك ونتفرق من مجلسنا لدخولك.. للأسف لأن وجودك في كثير من الأحيان يسبب لنا مشاكل...

أبي العزيز: لماذا اختفت البسمة من على محياك فتدخل علينا مقطب الجبين يعلوك الحزن..

صمت مطبق تنتظر الطعام والشراب ثم تدخل لغرفة نومك لتنام..

أكل وشرب ونوم هذه الحال التي أصبحنا نعرفك بها.. قد ألفنا نحن وأمي هذا المنظر وتجرعنا مراراته حتى تعودنا عليه..

أبي العزيز: هذه سنوات عجاف مرت علينا في ظل أبوتك؟!..

 فهل سيعود إليك رشدك وتتدارك ما فاتك لاسيما وأنت من المهتمين بدراسة التربية ولا أظنها ألا خانتك في وقت أحوج ما كنت محتاجاً لها...

 أملي في الله العظيم فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ولن يغلب عسر يسرين؟!..

**ا بـ نـ ـك ا لـ مـ حـ ـر و م**